فصل: خروج أولاد الأمير أحمد بن إسمعيل على أخيهم السعيد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خروج أولاد الأمير أحمد بن إسمعيل على أخيهم السعيد.

كان السعيد نصر بن أحمد لما ولي استراب بإخوته وكانوا ثلاثة أبو زكريا يحيى وأبو صالح منصور وأبو إسحق إبراهيم أولاد الأمير أحمد بن إسمعيل فحبسهم في القندهان ببخارى ووكل بهم فلما سار السعيد إلى نيسابور سنة خمس عشرة فتقوا السجن وخرجوا منه على يد رجل خباز من أصفهان يسمى أبا بكر داخلهم في محبسهم بتسهيل نفقتهم التي كانت على يده وجاء إلى القندهان قبل يوم الجمعة الذي كان ميقاتا لفتحه وأقام عندهم مظهرا للزهد والدين وبذل للبواب دنانير على أن يخرجه ليلحق الصلاة في الجماعة ففتح له الباب وقد أعدهم جماعة للوثوب فحبسوا البواب وأخرجوا أولاد الأمير أحمد ومن معهم في الحبس من العلويين والديلم والعيارين واجتمع إليهم من كان وافقهم من العسكر والقواد ورأسهم شيروين الجبلي وبايعوا يحيى ابن الأمير أحمد ونهبوا خزائن السعيد وقصوره وقدم يحيى أبا بكر الخباز وبلغ الخبر إلى السعيد فعاد من نيسابور إلى بخارى وكان أبو بكر محمد بن المظفر بن محتاج صاحب خراسان مقيما بجرجان فاستدعى ماكان بن كالي وصاهره وولاه نيسابور فسار إليها ولما جاء السعيد إلى بخارى اعترضه أبو بكر الخباز عند النهر فهزمه السعيد وأسره ودخل بخارى فعذبه وأحرقه في تنوره الذي كان يخبز فيه ولحق يحيى بسمرقند ثم مر بنواحي الصغانيان ويها أبو علي بن أحمد بن أبي بمر بن المظفر بن محتاج صاحب خراسان مقيما بجرجان فاستدعى ماكان بن كالي إلى جرجان ولقوا بها محمد بن الياس وقوي أمره فلما جاء يحيى إلى نيسابور خطب له وأظهر دعوته ثم قصدهم السعيد فافترقوا ولحق ابن الياس بكرمان ولحق يحيى وقراتكين ببست والرخج ووصل السعيد إلى نيسابور سنة عشرين وثلثمائة واصطلح قراتكين وأمنه وولاه بلخ وذهبت الفتنة وأقام السعيد بنيسابور إلى أن استأمن إليه أخواه يحيى ومنصور وحضرا عنده وهلكا وفر إبراهيم إلى بغداد ومنها إلى الموصل وهلك قراتكين ببست وصلحت أمور الدولة وكان جعفر بن أبي جعفر بن داود واليا لبني سامان على كل الختل فاستراب به السعيد وكتب إلى أبي علي احمد بن أبي بكر محمد بن المظفر وهو بالصغانيان أن يسير إليه فسار إليه وحاربه وكسره وجاء به إلى أبي بخارى فحبس بها فلما فتق السجن خرج مع يحيى وصحبهم ثم لما رأى تلاشى أموره استأذنه في المسير إلى الختل فأذن له فسار إليها وأقام بها ورجع إلى طاعة السعيد سنة ثمان عشرة وصلح حاله (والختل بخاء معجمة مضمومة وتاء مثناة فوقانية مشددة مفتوحة).

.ولاية ابن المظفر على خراسان:

كان أبو بكر محمد بن المظفر واليا للسعيد نصر على جرجان ولما استفحل أمر مرداويح بالري كما يأتي في أخبار الديلم خرج عنها ابن المظفر ولحق بالسعيد نصر في نيسابور وهو مقيم بها فسار السعيد في عساكره نحو جرجان ووقعت المكاتبة بين محمد بن عبيد الله البلغي مدبر دولته وبين مطرف بن محمد واستماله محمد فمال إليه مطرف وقتله سلطانه مرداويح ثم بعث محمد ينتصح لمرداويح ويذكره نعمة السعيد عنده في اصطناعه وتوليته وتطوق العار في ذلك المطرف الوزير الهالك ويهول عليه أمر السعيد ويخوفه ويشير عليه بمسالمة جرجان إليه وصالحه السعيد عليها ولما فرغ السعيد من أمر جرجان وأحكمه استعمل محمد بن المظفر بن محتاج على جيوش خراسان سنة إحدى وعشرين وثلثمائة ورد إليه تدبير الأمور بجميع نواحيها وسار إلى كرسي ملكه ببخارى واستقر بها.

.استيلاء السعيد على كرمان.

كان محمد بن الياس من أصحاب السعيد ثم سخطه وحبسه وشفع فيه محمد بن عبيد الله البلغي فأطلقه وسيره محمد بن المظفر إلى جرجان ثم سار إلى يحيى واخوته عندما توثبوا ببخارى فكان معه في الفتنة وخطب له بنيسابور كما مر فلما زحف السعيد إليهم فارق يحيى ولحق بكرمان واستولى عليها ثم خرج إلى بلاد فارس وبها ياقوت مولى الخلفاء فوصل إليه بأصطخر يريد أن يستأمن له وأطلع ياقوت على مكره فرجع كرمان ثم بعث السعيد ما كان بن كالي في العساكر سنة إحدى وعشرين وثلثمائة وقاتل ابن الياس وهزمه وملك كرمان بدعوة السعيد نصر بن أحمد وسار الياس إلى الدينور ثم رجع ماكان عن كرمان على ما نذكره بعد فرجع إليها ابن الياس وسبب خروج ماكان أن السعيد بعد قتل مرداويح كتب إليه وإلى محمد بن المظفر صاحب خراسان أن يقصد جرجان والري وبها وشمكير أخو مرداويح فجاء ماكان على المفازة ووصل إلى نيسابور بعد أن كان محمد بن المظفر قد استولى عليها بعث إليه مددا فهزمتهم عساكر وشمكين فأقصر ماكان عن حربهم وأقام بنيسابور وجعلت ولايتها له وذلك أول سنة أربع وعشرين وثلثمائة ثم صفت كرمان لمحمد بن الياس بعد حروب مع جيش نصر كان له الظفر فيها آخرا.